ينشغل الكثير من المقبلين على الزواج بتجهيز الشقة والأثاث والتحضير لمراسم ليلة الزفاف وغير ذلك  من الأمور المهمة التي بها يبدأون مرحلة جديدة من حياتهم، لكنهم يتجاهلون ولا يبالون بفحوصات ما قبل الزواج رغم أهميتها القصوى ودورها الكبير في الاطمئنان على صحتهم وصحة أبنائهم في المستقبل.

قد يتعلل بعض الرافضين مطلقًا إجراء فحوصات ما قبل الزواج بأن الحب والرغبة في الارتباط أقوى وأعمق من أن تنهيه هذه الفحوصات التي يوهمون أنفسهم بأنها غالبًا ما تكون خاطئة أو مبالغ فيها، ويرون في بعدهم عنها تمامًا حُسن ظَن بالله وتوكل تام عليه ورضا بقدره وقضائه ، غير عابئين بضرورة الأخذ بالأسباب وتوخي الحذر والحيطة درءاً للمفاسد والمنغصات التي ربما تحول حياتهم فيما بعد إلى جحيم، وتجنبًا للشعور الدائم بالذنب وتأنيب الضمير إذا ما رزقهم الله أبناءً مرضى أو معاقين!..
فلا أمر ولا أصعب على أي أم وأي أب من أن يريا أحد أولادهما مريضًا وعاجزًا عن التكيف والتعايش مع مَن حوله وغير قادر على الاعتماد على نفسه لإعاقته أو إصابته بمرض مزمن يجعله دومًا في حاجة لمن يخدمه ويحقق له ما يريد..
تنقسم فحوصات ما قبل الزواج  إلى أربعة أقسام هي:
أولًا: فحوصات لتجنب الأمراض الوراثية.
ثانيًا:  فحوصات لمعرفة إذا ما كان الطرفان قادرين على الإنجاب أم لا.
ثالثًا: فحوصات لمعرفة إن كان أحد الطرفين يحمل أمراضًا قابلة للنقل من طرف إلى آخر عن طريق العلاقة الزوجية الحميمة.
 رابعًا: فحوصات لاكتشاف إذا ما كان أحد الطرفين يعاني من مرض مزمن يمكن انتقاله إلى الأطفال مثل مرض السكر والتهاب الكبد الوبائى.. إلخ.
هناك عدة أهداف لفحوصات ما قبل الزواج ومنها:
1-  التنبؤ بحدوث بعض الأمراض التي قد تحصل بعد الزواج والوقاية منها.
2-  الحد من نقل الأمراض الوراثية التي قد تنتقل بالزواج وما يترتب عليها من آثار نفسية واجتماعية واقتصادية للعائلتين.
 3- الحد من الأخطار الصحية والأمراض المعدية للأزواج والمواليد، وخاصة لتلك الأخطار التي قد تتفاقم عن طريق الزواج نفسه.
 4- تقييم قدرة كل من الذكر والأنثى على الإنجاب والحد من المشاكل التي قد تحدث بعد الزواج.
 5- المساعدة في إعطاء المشورة للخاطبين وترك حرية الاختيار لهما في إتمام مشروع الزواج أو إلغائه.
 6- اكتشاف الجينات الوراثية غير الطبيعية عند كلا الطرفين.
7- ضبط حدوث بعض أنواع الإعاقات، وخاصة الموروثة منها والتي تعتمد على وجود جين سائد أو متنحي عند أي من الطرفين.
 8- المحافظة على مستوى الصحة والارتقاء بالمستوى الصحي والاقتصادي للمجتمع.
 وعلى المقبلين على الزواج أن يدركوا  جيدًا أن الصلاح لا يقتصر  - كما قد يفهم البعض - على صلاح الأخلاق والدين فقط، وإنما يشمل كذلك الخلو من الأمراض الوراثية والمعدية التي قد تنتقل من أحد الزوجين إلى الأبناء، لذا ينبغي أن تتوافر في طرفي الإنجاب: "الزوج والزوجة" الشروط الصحية التي تبعد عنهما شبح الإعاقة والمرض في الأبناء، وقد تشتمل هذه الشروط على شروط أخلاقية ونفسية وصحية وبدنية، ويمكن تحقيق هذا الأمر بإجراء الفحوصات المتنوعة وبدراسة تاريخ أسرتي الزوج والزوجة.   
لمساعدة الأطباء في تشخيص الحالات بشكل أدق وأعمق،  وذلك بضرورة التحري عن أي طفل وبالغ مريض أو معاق في العائلة، لأن التاريخ المرضي لكل عائلة هو الذي ينبه الأطباء إلى وجود مرض ما.. وفي هذه الحالة عليه أن يتحقق من احتمالية انتقاله إلى هذه الأسرة الجديدة..
وفي النهاية.. لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.. فلنأخذ بالأسباب ونتوكل على الله فهو حسبُنا ونعم الوكيل. 

تعليقات