خطوة للوراء

 




بقلم : امل الخولى

في آخر اليوم، حين تثقل الروح بما لم يُقال، نبحث عن ملاذ نلقي فيه تعبنا، لا ليُحلّ، بل ليُحتَضن. نحتاج لصدرٍ لا يزن الكلام بميزان النقد، بل يحتفظ به كأمانة بين قلبين. 

نحتاج لمن يصغي لا ليُصحّح، بل ليشاركنا الصمت بعد البوح، لأن بعض الوجع لا يُشفى إلا بأن يُروى.

لكن للأسف، لا يميز الجميع بين يدٍ تُربّت وأخرى تُشرّح. بعض الأحاديث تُولد ميتة، حين تجد أذناً تفتّش عن الخطأ قبل أن تلمح الألم. ومع كل مرة يُؤخذ فيها حديثك سلاحاً ضدك، تنكمش روحك خطوة للوراء. 

تصبح أكثر تحفظاً، أكثر صمتاً، وكأنك تخاف أن تُؤذي نفسك بكلمة خرجت للشفاء، لا للإدانة.



الفضفضة ليست شكوى، بل مشاركة حياة. ومن لا يعرف كيف يحمل قلبك بلطف، لا يستحق أن يسمعه.

في نهاية اليوم، نشعر أحيانًا بتعب لا تقدر عليه أجسادنا وحدها، فنحتاج من يسمعنا. 
نحتاج شخصًا نرتاح له، نحكي له ما بداخلنا دون خوف من حكم أو لوم. فقط نريده أن يسمع، أن يشعر بما نشعر به، ويمنحنا بعض الطمأنينة. 

هذا النوع من الفضفضة يخفف عنا كثيرًا، ويقوي العلاقة بيننا وبينه.

لكن أحيانًا، نصطدم بمن يسمعنا بعقله فقط، لا بقلبه. 

يبدأ في انتقاد ما فعلناه، يظن أنه يخاف علينا، لكنه في الحقيقة يسحب منا الراحة. 

يجعلنا نندم لأننا تكلمنا. ومع الوقت، نصبح أكثر صمتًا، نخاف أن نحكي، نخاف أن نُفهم بشكل خاطئ.

الفضفضة راحة، وليست ساحة للحكم. ومن لا يعرف كيف يحتوي كلامنا، لا يستحق أن نفتح له قلوبنا.

تعليقات